لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. logo الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
shape
شرح سنن الترمذي
51807 مشاهدة print word pdf
line-top
باب ما جاء أن المرأة تنكح على ثلاث خصال


باب ما جاء أن المرأة تنكح على ثلاث خصال.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْرَقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ الْمَرْأَةَ تُنْكَحُ عَلَى دِينِهَا وَمَالِهَا وَجَمَالِهَا فَعَلَيْكَ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ .
قَالَ: وَفِي الْبَاب عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ وَعَائِشَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَأَبِي سَعِيدٍ قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ جَابِرٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.


في هذا الحديث ذكرناه قبل، ولم يذكر هنا الحسب، ذكر المال، وهو صحيح أنه مقصد من المقاصد. كثير من الناس يتزوج المرأة إذا كانت ذات ثروة أو ذات مال، ويكون طمعه في أن يتوسع في مالها وأن تنفق عليه، وأن يتملك من مالها ما يريد، أو أن يرثها أو يرثها أولاده منها أو نحو ذلك.
وهذا مقصد رديء وذلك لأنها إذا كانت ذات مال فربما تمن عليه وتكثر العدل معه، وتذكره دائما أنها أعطته وأنها أنفقت عليه وأنها وجدته عائلا وأنها منت عليه بكذا وكذا، مما يكدر عليه صفو حياته؛ فيمل صحبتها. بخلاف ما إذا كان قصده الدين فإن الدين يزينها.
كذلك إذا نكحها لجمالها، صحيح أن الجمال مقصد من المقاصد المتبعة، وأنها هي التي غالبا تقصر نظره وبصره عن غيرها؛ فإنها إذا كانت جميلة لم يمد بصره إلى غيرها من النساء؛ بل يقتصر على زوجته التي هي من أجمل النساء وأحسنهن خَلقا وأتمهن خِلقة، ولكن مع ذلك قد تحتقره، وتنفر منه إذا كان دونها -مثلا- في الجمال ونحوه.
فلا يكون هذا مقصدا أساسيا؛ بل يصبر على نكاحها ولو كانت غير جميلة، ويختار الدينة ذات الدين، ولو كانت ناقصة في المال أو في الجمال؛ فالدين ما كان في شيء إلا زانه، ولا نُزع من شيء إلا شانه. الدين هو الذي يحملها على أن تطيع الله وأن تطيع زوجها وأن تؤدي حقوقه، وأن تعينه على نفسه وتعينه على العبادات على عبادة ربه.
وكذلك أيضا يحصل بكونها دينة أنها تصون نفسها عن التطلع إلى الآثام وإلى الحرام، ويأمنها على نفسها في حالة غيبته، كما يأمنها على ولده، ويأمنها على بيته؛ فلا تأذن في بيته لأحد يكرهه ولا تدخل غيره في بيته، ولا تخرج من بيته إلا بإذنه، ولا تتصل بأحد من أهل الفساد وأهل الفسوق والشر؛ لعمل منكر أو نحو ذلك، يحجزها عن ذلك كله دينُها؛ حيث أنها تعلم أن الله يراقبها، وأنه يعلم خافي أمرها وجليه، وتعلم أنه يعاقب على المحرمات، وأنه قد يبطش بها فيعاقبها معاقبة عاجلة؛ فلذلك تحمي نفسها عن ما لا يحل لها أن تفعله مخافة الله تعالى.
مثل ما قالت تلك المرأة التي غاب عنها زوجها وأطال، والتي أنشدت الأبيات التي سمعها عمر رضي الله عنه في آخر أبياتها تقول:
مخافـة اللـه والحيـاء يصـدني
وإكـرام بعلـي أن تنـال مراكبـه

line-bottom